مشروع بيان للمثقفين العرب:

Publié le par Mahi Ahmed

 

 

مشروع بيان للمثقفين العرب:

التعجيل بإنهاء الحقبة السعودية

   

يشهد العالم العربي سلسلة ثورات غير مسبوقة بادرت إليها الشعوب العربية التي رفعت حولها الأنظمة، لأمد طويل، أسواراً صينية من القمع وكبت الحريات والتجويع وشلِّ الطاقات الإبداعية والتخلف الحضاري، وها هي حلقات السلسلة الثورية المباركة تتوالى تباعاً: من تونس، صاحبة الامتياز في إطلاق الشرارة، وصولاً إلى ليبيا مروراً بمصر والبحرين واليمن، والحبل على الجرار، كما يقول المثل الشعبي.

قد تكون هذه الثورات العربية المتتالية مفاجئة لكثيرين بمن فيهم اولئك الذين فجَّروها ولكن المفاجىء، فعلاً، أنها تأخرت كثيراً بالقياس إلى أمم وشعوب أخرى بادرت إلى أخذ حرياتها بيدها ووضعت نفسها على طريق تحقيق الذات والفاعلية الحضارية والاسهام في اللحظة العالمية الراهنة على غير صعيد.  

   لقد بيَّنت الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، وإرهاصات الثورة في بلدان عربية أخرى قادمة على الطريق، وجود أسباب مشتركة للثورة والانتفاض على تلك الأنظمة التي شلَّت حياة شعوبها وأعاقت نموّها الطبيعي وحالت دون أخذ مكانها الطبيعي تحت الشمس منها التغوّل الأمني الذي مارسته النخب العائلية الحاكمة واستشراء الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة وتوسّع الهوة الكلي بين من يملكون كل شيء تقريباً والذين لا يملكون شيئاً. ولكن تبيَّن أن هناك أسباباً خارجية حرست هذا الفساد السياسي والمالي والإداري وحرصت على إدامته خدمة لأغراضها في المنطقة العربية. ليس العامل الخارجي ممثلاً فقط بالقوى الاستعمارية الغربية التي تعمل، من دون كلل، على إعاقة الديموقراطية والتنمية الحقيقية في العالم العربي بل بوكلائها المحليين الذين يقف في طليعتهم العائلة السعودية الحاكمة.

لم يلعب نظام عربي دوراً أكثر رجعية وتعويقاً للحريات والتقدم الاجتماعي والاستقلال السياسي وتسهيل التدخلات الخارجية في العالم العربي أكثر مما فعله النظام السعودي الذي طبع العقود الأربعة الماضية بطابعه من خلال شبكات إعلامية ودينية وثقافية  أخطبوطية فردت ظلالها القاتمة على أرجاء العالم العربي يساعدها في ذلك فائض البترودولار الأمر الذي جعل تلك العقود السقيمة تستحق، بجدارة، لقب "الحقبة السعودية". وها هو دور العائلة السعودية الحاكمة يتكشف أكثر مع توالي الثورات في العالم العربي. فمن تونس ومصر إلى البحرين، وحتى ليبيا، أصرت العائلة السعودية على الوقوف إلى جانب العائلات الحاكمة في هذه البلدان ودفع الأنظمة لقتل الناس في الشوارع، والعمل على منع الغرب من اتخاذ مواقف تستند إلى حقوق الإنسان. وهي تثبت بهذا أنها عدو نشط وراسخ لحرية الشعوب العربية وقلعة للرجعية وحارسة للتخلف الحضاري في المنطقة.

إن إعادة بناء الموقف العربي لمواجهة التهديدات الخارجية يحتاج إلى أن تستمر الثورة  حتى تصل إلى أسرة آل سعود التي تحكم البلاد التي تسيطر عليها بمنطق القرون الوسطى وتسيج على شعبها وتفصل، بقسوة، بين رجالها ونسائها وتعيق تقدمها. فهذا النظام الذي يحرم شعبه من أبسط حقوقه الديموقراطية هو من يكبل المنطقة ويجعلها غير قادرة على توحيد طاقتها في مواجهة الأخطار التي تتهددها داخلياً وخارجياً.

  

لقد أكدت الوقائع أن نظام العائلة السعودية الحاكمة غير قادر على إصلاح نفسه رغم كلام سدنته عن الاصلاح والتغيير. وحتى عندما تحدثوا عن الإصلاح، فقد كان قصارى الإصلاح عندهم الانفتاح على المجموعات اليهودية الأميركية الصهيونية والمؤيدة لإسرائيل وإطلاق شبكات إعلامية اخطبوطية أغرقت العالم العربي بالضحالة الثقافية والسفه الدرامي والتخلف الحضاري.

إن الثورات العربية المطالبة بتغيير واقع حال مجتمعاتها المزري لن تكتمل ويكتب لها النجاح إلا بوصول رياح  التغيير إلى قلب الجزيرة العربية الأمر الذي يقتضي  رفع الغطاء الثقافي والإعلامي عن هذه الأسرة ونظامها المعادي للحرية والتغيير. لقد تمكنت هذه الأسرة، عبر سيطرتها على الثروة النفطية لشعب شبه الجزيرة العربية، من استمالة الكثير من الكتاب والمثقفين والإعلاميين العرب ما أدى إلى نجاحها في تغطية قمعها لشعبها ودورها التخريبي في الحياة العربية، وقد آن الأوان للمثقفين والإعلاميين العرب أن يعملوا على رفع الغطاء عن هذا النظام الرجعي وعزل الأصوات التي استمالها بأمواله، والإعلان عن نهاية الحقبة السعودية وبداية حقبة شعب الجزيرة العربية المتحرر من أسر الطغمة العائلية الحاكمة.

 

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article