«أبوالفتوح» يقود تيار التجديد من المستشفي .. و«خيرت الشاطر» يقاومه من السجن
«أبوالفتوح» يقود تيار التجديد من المستشفي .. و«خيرت الشاطر» يقاومه من السجن
كتب خالد حريب:
أثارت الاستقالة التي تقدم بها محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين ردود فعل متسارعة حتي داخل مكتب الإرشاد نفسه، وكانت الاستقالة قد تسربت من داخل مكتب المرشد نفسه، يأتي ذلك في أعقاب إعلانه الأحد الماضي التنحي عن مهامه وإسناد مهمة الإرشاد إلي نائبه الأول الدكتور محمد حبيب الذي صرح لقناة الجزيرة بأن الجماعة في أزمة وأن المرشد العام أسند إليه - إلي حبيب - بعض مهماته حتي إجراء الانتخابات في يناير القادم.
تأتي استقالة المرشد علي خلفية صراع مكتوم داخل الجماعة بين جناحين يمكن تسميتهما بجناح التشدد وجناح التجديد وشهد الجناحان عدة تصادمات كان من ملامحها اعتكاف الدكتور محمد حبيب في محافظة أسيوط.. ورفض ضم الدكتور عصام العريان إلي مكتب الإرشاد في الموقع الذي شغر مؤخرا.
ويأتي تقدم تيار التجديد داخل مكتب الإرشاد ملموسا في ظل غياب خيرت الشاطر الذي يتزعم تيار المحافظين في السجن وتأييد قطاع واسع من الشباب الإخواني لجناح التجديد ومن أبرز هؤلاء الشباب قطاع المدونين علي الإنترنت.
ويمكن إجمال مطالب جناح التجديد أو المواءمة كما يصفه البعض لأنه لا يعارض الانفتاح علي الحكم في أربعة مسارات الأول هو الإفراج عن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وغلق ملف القضية، والثاني وقف الملاحقات الأمنية، والثالث التفاهم مع الحكم علي حصة الإخوان في البرلمان والمقابل هو تهيئة الأجواء لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، وربما تهدئة حملتهم ضد «جمال مبارك» ومشروع التوريث.
وقد رد تيار المحافظين في محاولات مستميتة منه لتعكير مياه التهدئة وتعطيل الصفقة حيث خرج إلي العلن في واقعة نادرة مفتي الجماعة أحمد عبدالله الخطيب وهو كاتب الفتاوي والمحسوب علي خيرت الشاطر وتيار التشدد ليطالب بإقالة شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية لموقفهما من النقاب. وفي اتجاه آخر أعلن عدد من نواب الإخوان علي عكس رغبة المرشد انضمامهم لحملة «مايحكمش» الرافضة للتوريث.
واللافت للانتباه هو انحياز المرشد العام لتيار التجديد الذي يري ضرورة الحوار مع أجهزة الدولة والتهدئة أملا في الحصول علي حصة من مقاعد البرلمان في الانتخابات القادمة.. ووقف الملاحقات الأمنية لأعضاء الجماعة وكذلك غلق القضية 404 المعروفة باسم «قضية التنظيم الدولي للإخوان» والإفراج عن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المتهم في القضية المشار إليها.
وتتردد معلومات بأن أبوالفتوح قاد بنفسه من محبسه في مستشفي قصر العيني الفرنساوي التفاوض مع بعض أجهزة الدولة وأجنحة محسوبة علي لجنة السياسات داخل الحزب الحاكم وهو الأمر الذي نفاه سريعا أبوالفتوح علي موقعه الإلكتروني واصفا تلك المعلومات بأنها مغرضة ولكنه عاد وترك الباب مواربا حيث ذكر بالنص «أن تلك الأنباء تهدف إلي تعطيل الحوار بين العاملين في الشأن العام وبعض أجهزة الدولة الوطنية»؟!!.
في نفس الوقت يحارب الدكتور «عصام العريان» معركته للصعود إلي مكتب الإرشاد وهو أعلي هيئة في مكتب الجماعة متطلعا إلي موقع المرشد العام، ولكن هناك جبهة قوية تقف ضد العريان وتوجهاته «الحداثية» علي رأسها كل من «خيرت الشاطر» النائب الثاني للمرشد والذي يقود الحملة من سجنه، ومحمود عزت أمين عام الجماعة الموصوف بالرجل الحديدي وهناك مع ذلك جبهة قوية تقف مع العريان تسمي نفسها بـ «الإخوان الجدد».
والصراع الدائر الآن في صفوف الجماعة التي تتوالي ضدها الحملات البوليسية ولها ما يزيد علي ثلاثمائة معتقل هو صراع تفجره تناقضات معقدة، فبينما يطالب الإخوان الجدد بتجديد فكر الجماعة والانخراط في العصر وإفساح مكان في الهياكل القيادية للشباب المتعلم تعليما عصريا لعصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح «طبيبين»، فإن هذا التيار الجديد يعبر عن ميل للتعامل السياسي مع الحكم القائم والحزب الوطني وهو ما يثير حفيظة الشباب الغاضب من السياسات الحكومية.
من جهة أخري ينبئ هذا الصراع بتحولات عميقة في بنية الجماعة وتوجهاتها لو توفر لها مناخ سياسي ملائم ربما تنضج في اتجاه مراجعة بعض ما يسميه المحافظون بالثوابت مثل معاداة الديمقراطية والنساء والدعوة لبناء دولة دينية.. وتتحول إلي حزب مدني له مرجعية إسلامية.
Source : El Ahaly 21.10.09