الاستعباط الوطني الديمقراطي

Publié le par Mahi Ahmed

 

 

 

     
 

 

 

     ضد التيار                             بقلم : امينة النقاش                                              

الاستعباط الوطني الديمقراطي!

المبررات التي ساقتها لجنة شئون الأحزاب لرفض تأسيس حزب الوسط، للمرة الرابعة، تدعو للدهشة، ولا أقول السخرية، فاللجنة تري أن برنامج حزب الوسط لم يتضمن أساليب لتنفيذ ما يدعو إليه من مباديء، وأن الأفكار الواردة فيه مجرد شعارات، لا تتقيد بخطوات تستهدف تحقيقها، وأنه لا ينطوي علي تميز للحزب عن سائر الأحزاب القائمة، وأن البرنامج لا يعبر عن توجيه محدد في مواجهة المشكلات وأنه اختار الحلول والبدائل الممكنة كما يقول تقرير الرفض، وأنه ينطلق من نفس البرامج التي سبق للجنة رفضها في أعوام 96 و98 و99، وأن دعوته للديمقراطية ولإطلاق الحريات العامة وللمساواة بين المواطنين وبين النساء والرجال وكفالة حرية الاعتقاد الديني واحترام كرامة الإنسان وحقوقه الدينية والسياسية، والاقتصادية والثقافية، والعمل علي التداول السلمي للسلطة وعلي حرية الرأي والتعبير والتفكير والتأكيد علي حق تكوين الأحزاب وحق التظاهر وضمان نزاهة الانتخابات، وتقليص سلطات رئيس الدولة، وتحديد مدة رئاسته بفترتين فقط، هي كلها أفكار تأخذ بها أحزاب قائمة وينص عليها الدستور وسبق للدولة تنفيذ كثير منها!.

ولعلها هي المرة الأولي التي يرفض فيها حزب، لأن برنامجه يتفق مع الدستور ولأن الحكومة القائمة تنفذ بعض ما جاء به، ولأنه لا يسعي إلي المستحيل، بل يدعو لحل المشاكل «بالبدائل الممكنة» وهي كما نري، مبررات قوية للقبول به، لا لرفضه، ومن المعروف، أن من أولي مهام أي حزب سياسي، أن يسعي للوصول إلي السلطة بالطرق السلمية الديمقراطية، وأن البرنامج الذي يطرحه، هو سياساته التي سينفذها حين يتولاها، وبالتالي فإن رفض حزب الوسط لأنه لا يذكر أساليب تنفيذ برنامجه، هو استعباط شامل، من المخجل أن يصدر عن سياسيين وأساتذة قانون أعضاء بلجنة شئون الأحزاب، وما يؤكد أن قرار اللجنة سياسي لا قانوني، هو ذلك المبرر الهزيل الذي ساقته في حيثيات رفضها، وهو صغر الخط الذي كتبت به أسماء مؤسسي الحزب وعددهم 1200 عضو بينهم 400 امرأة و20 قبطيا من 25 محافظة، في الإعلانين اللذين نشرا في صحيفتي الشروق والمصري اليوم طبقا لما ينص عليه القانون، بما تعذر علي اللجنة التحقق من أسماء المؤسسين وجنسياتهم ووظائفهم وديانتهم، مع أن لدي اللجنة ملفا كاملا بأوراق حزب الوسط يتضمن بشكل شديد الوضوح أسماء المؤسسين وأن السبب فيما جري واضح ومعروف، فنشر أسماء المؤسسين في صحيفتين يوميتين كان يتم علي حساب مجلس الشوري، قبل أن يعدل القانون ليضع قيدا جديدا علي تشكيل الأحزاب بإلزامها بتحمل نفقات نشر الإعلانين في صفحة كاملة واضحة تتكلف عدة مئات من الجنيهات، لم يتمكن الوسط من توفيرها، فاختصر مساحة النشر، هذا مع العلم أن العدسات المكبرة تملأ الأسواق.

علي امتداد عمرها البالغ اثنين وثلاثين عاما، وافقت لجنة الأحزاب علي 24 حزبا بينها أحزاب تدعو لعودة ارتداء الطربوش، وأحزاب يخوض رؤساؤها انتخابات الرئاسة للدعوة لمرشح الحزب الحاكم الذي يفترض أن ينافسه، وبعضها الآخر لا هم له إلا تأييد الحكومة في كل إجراء، والهجوم علي أحزاب المعارضة الرئيسية في كل خطوة تتخذها لمهاجمة السياسات القائمة، بينما حزب جاد كالوسط يناضل علي امتداد 13 عاما، فيعدل برنامجه أكثر من مرة ليفرق بين ما هو دعوي وما هو سياسي، ويؤكد مدنية الدولة المصرية ويلتزم بالعمل وفقا للقانون والدستور، ويضيف جديدا للحياة السياسية، وفقا لما قضي به تقرير هيئة مفوضي الدولة عام 2005، لكن لجنة الأحزاب ترفض الحزب وقرار هيئة المفوضين بطبيعة الحال.

المهندس أبوالعلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط، بدأ حياته السياسية عضوا في الجماعة الإسلامية والتي راجعت مواقفها مؤخرا بعد أن كفرت المجتمع ورفعت السلاح في وجه الدولة، ثم انتقل منها إلي جماعة الإخوان المسلمين، ثم تركها بعد أن اعترض علي رفضها أن تسعي لإشهار نفسها كحزب سياسي، وحين شرع في تأسيس حزب الوسط وقفت له الجماعة بالمرصاد، وضغطت علي عدد من المؤسسين كي يتركوه، ليتشكل تحالف من الحزب الوطني والإخوان المسلمين لمنع إشهار حزب الوسط الذي يقدم اجتهادا جديدا يخاصم الجمود والانغلاق، ويؤمن بحقوق المواطنة والقانون والدستور، لكن لجنة الأحزاب ترفضه، وتغلق في وجهه منافذ الشرعية، وكأنها تحضه علي العودة إلي العنف!.

لكن المهندس أبوالعلا ماضي أثبت أنه أكثر إحساسا بالمسئولية ممن اعترضوا علي حزبه، بإعلانه أنه سيواصل نضاله الديمقراطي لإشهار «الوسط» بالطعن علي قرار الرفض أمام محكمة الأحزاب، وهو القرار الذي يجعل المطالبة بإلغاء لجنة شئون الأحزاب، ليصبح إشهار الأحزاب بالإخطار فقط، علي رأس جدول أعمال الأحزاب والقوي الديمقراطية.

 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article