فضائح الباكالوريا أمْ فشل النظام؟

Publié le par Mahi Ahmed

فضائح الباكالوريا أمْ فشل النظام؟

Par Makhlouf Ameur

كان هذا الامتحان من أكثرها انضباطاً. يُعدُّ الأسئلة نخبة من المفتشين في سرِّية تامَّة يحدوهم ضميرٌ وطني حي.وبعد عملية التصحيح تُعْلن النتائج من مراكز التصحيح بالرغم من أنَّ الوسائل لم تكن من الوفرة بما هي عليه اليوم.

ولكنْ في زمن صار يُنهَب فيه المال العام في وضح النهار، أو يوزَّع بطرق شعبوية غير مسبوقة، والناس يطاردون خيط دخان من الخطب الزائفة حتى أصبحنا على حافَّة الانهيار في كل المجالات، ما كان لقطاع التربية أنْ يسْلم من هذا الوباء التي أفشتْهُ في البلاد الزعامة الفارغة،وصراع الأجنحة المافيوية التي لا وطنَ لها.

لقد سبق أنْ سُرِّبت أسئلة الباكالوريا في عهد الوزير الأسبق: (علي بن محمد) ووُزِّعتْ في الشوارع، وكان الغرض الأساس-يومئذ- افتعال حجَّة لإقالته من المنصب، وبعدما تربَّع على عرش هذه الوزارة (أبو بكر بن بوزيد) مدَّة طويلة، ترك إرْثاً يصعب التخلُّص منه.

فأما اليوم، إذا كان غرض المدبِّرين هو تنحية الوزيرة، فإنها –بحكم منصبها السابق في البحث وفي التعليم العالي-ستكون في حال أفضل من أيِّ وزيركما كانت من قبل.علْماً بأنَّ الحملة العدائية قد شُنَّت ضدَّها بمجرَّد تولِّيها هذا المنصب.خاصة وأنها أعلنت عن ضرورة مراجعة مناهج التعليم وفق رؤية عصرية، وهو ما حصل مع (مصطفى الأشرف) سابقاً، لأن الذين تعوَّدوا أنْ يأخذوا عطلة إضافية لأداء مناسك العُمْرة على حساب حقوق التلاميذ لنْ يقبلوا التغيير أبداً.

لكنْ كيف ستكون حال التلاميذ الذين علَّقوا آمالهم على هذا الموْعد؟ وكيف ستكون حال أوليائهم الذين أصيبوا بالإحباط والخيْبة وهم الذين كانوا يظنُّون أنَّ لهم دولة في القرن الواحد والعشرين؟ ناهيكم عمَّا صُرف من أموال وما جُنِّد من رجال أمْن وما يستتبع ذلك كلَّه من متاعب الساهرين على مجريات الامتحان.

إنَّّ متزعِّمي هذا التيار الفاسد الذي قتَل رئيساً على مرأى من العالَم ووعد بمتابعة المدبِّرين والمنفِّذين ثمَّ التزم الصمت، من الأهْوَن عليْه أنْ يتلاعبَ بمصير جيل بأكمله وبمصير الوطن، لأنهم لا يملكون بذرة من الروح الوطنية. وإن مؤامرة كهذه، هي فضيحة نظام مريض، ولا يمكن أنْ تأتي إلا بأمر فوْقي،تماماً كتزوير الانتخابات أو تعديل الدستور لنزوة تسلُّطية تحتقر الشعب باسم الشعب، ولا فرْق بينها-من حيث الجوْهر- وبين أي تفجير إرهابي/. داعشي. لأنهم يسعوْن لزرع الفوْضى وإضعاف الجزائر ثم إسقاطها،فهم لا يريدون أن تكون لديْنا مؤسسات واقفة تواجه التحدِّيات الخطرة، ومنها المؤسَّسة العسكرية تحديداً.

فأمَّا المنظومة التربوية، فما هي إلا حلقة في سلسلة الرداءة المتفشِّية. وقد كانت دائماً لعبة في يد النظام، يرى فيها منفذا سياسياً شعبوياً، لا حاضنة للكفاءات.لذلك أصبحت الشهادات شكلية لا قيمة لها في الحياة العملية، وكثيراً ما لجأوا إلى تضخيم نسب النجاح إرضاء لطمعهم وتمكيناً لمزيد من الغرق في الشعبوية. بينما الأنظمة الوطنية التي تحترم نفسها نجدها تسعى –دوْماً- لأن تجعل هذا الجهاز خالصاً للعلم والمعرفة.

إنَّ أيَّ وطني حر لا يمكنه إلا أنْ يُصاب بالحرقة والألم على هذا الوضْع التي آلت إليه حالُنا.وفي الوقت نفسه، لا بدَّ أنْ يدرك بأنَّ هذا الوضْع البائس لا خلاص منه إلا بتغيير جذري، وأنْ لا زوال للفساد إلا بزوال هذا النظام الريعي البيروقراطي الذي أهلك الزرع والضرْع، أنهك العباد وخرَّب البلاد.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article